top of page

قراءة عمودية في تداعيات الحب

  • عبد الله عبيد
  • 27 نوفمبر 2019
  • 10 دقيقة قراءة

إن أي قراءة في المشتركات الإنسانية الكبرى ستكون عرضة في دراستها إلى مستويات عدة من الأحكام، والتي ستكون النسبية فيها حاضرة بشكل كبير، فأي قياس لشكل من أشكالها، يستوجب قياسها بمثيل لها، يلتقي بها، أو يخالفها فـي الظروف، وهذا الأمر سينطبق بشكل من الأشكال على ما تعارف الناس على تسميته بــ"الحب". وقبل شروعنا في الحديث عن الحب سيكون من المهم أن نحاول ضبط الأمور. بدءً بمحاولة تعريفه، وتعريف الشيء كما نعلم لا يتأتأ لنا بشكل واضح إلا إذا ما استطعنا كشف هذا الشيء والقبض عليه.. سنحاول أن نستعرض مجموعة من التعاريف لفكرة الحب من ثقافات مختلفة، وتواريخ متباعدة؛ لنرى سويةً مستويات إدراك الإنسان لهذا المفهوم الكبير. ففي الحديث عن صعوبة تعريف الحب أو المحبة تحدث عنها الكثير في التراث الإنساني ككل ولعلنا نستحضر(سمنون المحبّ) ذلك العاشق البغداديّ المتوفّى تقريباً سنة 298ه ـ.. إذ قال: "لا يُعبّر عن شيء إلا بما هو أرقّ منه، ولا شيء أرقّ من المحبّة، فما يعّبر عنها ! " وهذا يؤكد أن إدراك استحالة القبض على فكرة الحب كان اعتقادًا قديما وراسخًا

تاريخية الحب إن المتأمل في التاريخ البشري وتطور أخلاقياته سيلمح أن الفعل البشري كان رهن محركين أساسين بحسب "سيغموند فرويد" وهما غريزة "الإيروس" أو الحب، وغريزة "الأنانكي" أو الهدم فالأولى هي التي تحض على البناء وتحفز الخلايا على الارتباط والاكتمال والاتساق فيما بينها، وبالتالي هي التي توجه الأضداد باتجاه بعضها البعض، ونستطيع أيضا أن نصفها بأنها غريزة التجمع والاعمار وهي علة تكوين المجتمعات والتجمعات البشرية. أما الثانية فهي مضادة لغريزة "الإيروس" وهي تتمثل في اندفاع السيال الفكري نحو الموت وهي تحض على الانفصال والتوحد والانطواء وبالتالي تشكل دائما نقطة تحلل في المجتمعات، وهي أيضا تعبر عن شهوة الصراع، والحرب، والنزاع. ومن المهم أن نشير إلى أن الوحشية التي عُرف بها الانسان شكلت بحسب علماء الأنثروبولوجيا 99% من تاريخ البشر وتسمى مرحلة "ما قبل التاريخ" و 1% لكل هذه الثقافات التي نشأتْ، ثم الحضارات. وأقول ثقافات لأننا لا يمكن أن نطلق على مجرد تجمع بشري ما لفظة حضارة، حتى وإن ظهرت بعض الممارسات لذلك.. مما يعني أن كل تاريخ الأخلاقيات وكل ما قيل عن قيمة النوازع الباطنية للإنسان كالضمير والعدالة والإيثار هي لا تمثل إلا هذا ال1% من تاريخ الإنسان بما في ذلك فكرة الحب، والتي لا يمكن لها أن تخرج عن هذه ال1% و لكن الغريب في الأمر أن بعض هذه القيم لم تتقدم تلك الخطوات الهائلة التي كان يجب أن تتقدمها استناداً لكل هذه الفترة الطويلة ولعل هذا ما حدث مثلا للحب و الحقيقة أن موضوع الحب شغل الحكماء والمعلمين القدامى منذ عصور ما قبل اختراع الكتابة نقرأ مثلا في كتاب مهم في أنثربولوجيا الحب والجنس.. مثل كتاب يدعى "الحب الأسود" لـ"بوريس باراتي "يُرجع فيه انشغال المفكرين بتدوين عادات وتقاليد الحب والجنس، لما قبل الألف الرابعة قبل الميلاد بل ويقول في مقدمة كتابة "أن الموضوع أقدم مما قد يتخيل البعض فعاطفة الحب هي التي أدت لوجود القبائل وليست الطواطم المعبودة ،كما قد

يتخيل البعض وبالتالي هي التي خلقت النواة الأولى للمجتمعات القديمة وهي القبيلة" وتأكيدًا على كلامه

يمكن أن نقرأ شواهد ونصوص لما كُتبَ في العصر الحجري الحديث" النيوليثي" 9000-4500 ق.م ونجد فيها أفكارا وتصورات عن العشق والغيرة واشتهاء الجسد تماما وكأنها كُتبتْ الآن، ولعل هناك ميثولوجيا شهيرة ومهمة تنتمي للفترة ما بعد "النيوليث" وهي قصة "إيزيس" و"أوزوريس" وهي لا شك أنها قصة حب جميلة، وتثري المخيال الجمعي، وتجمع أفكار مهمة عن أبدية الحب ، وقيم الإخلاص، والوفاء، وأن الحب مهما واجهته من مصاعب وعثرات يمكن له أن ينبعث من جديد كما يحدث لطائر الفينيق. ويمكن أن نلخص القصة بالتالي: أن أوزريس كان يحكم مصر وكانت زوجته إيزيس وكانت بينهما علاقة حب قوية جدا وحدث أن تم اغتيال "أوزريس" من جانب شقيقه "ست" ليتمكن من العرش، وأخفى جثة "أوزريس" عن إيزيس ولم تمل إيزيس من البحث عن جثة زوجها التي وجدتها في مدينة "جبيل" اللبنانية وأفلح "ست" بعد ذلك في سرقة الجثة وقام بتقطيع الجثة لـ42 جزء قام بتوزيعها في أماكن مختلفة في مصر وتحكي الأسطورة أن إيزيس استطاعت أن تجد هذه الأجزاء بل وتحبل منها في بنية خرافية واضحة للقصة لتجنب بعد ذلك "حورس" ويمكن لمن أراد الاستزادة أن يعود لما كتبه " جيمس هنري بريستد " في كتابه " فجر الضمير " ولكن لنقرأ بعض هذه النصوص سويةً : ونتأمل التعابير التي وردت فيها . تقول الحبيبة في بردية هاريس: «كما يذوب الملح في الماء، كما يختلط الماء باللبن، حبك يتخلل كياني، يسري في وجداني، فلتسرع إليّ كصقر ينقض من السماء، كجواد يركض، أو كثور هائج، لتسرع إليّ فمحبوبتك في انتظارك». فيجيبها حبيبها الذى يشبه نفسه بالطائر البري: «شفتا حبيبتي برعم لوتس، ونهداها ثمرتا رمان، وذراعاها كرمة، عيناها توت أسود، وحاجباها فخ، أنا الطائر البري، يلتقط طعم شعرها الفاحم، مجذوب إلى فخها دون تردد» ونقرأ أيضا ما يقوله عاشق مصري قديم في مجموعة من ورق البردى الموجودة في متحف القاهرة: "حبيبتي على ضفة النيل الأخرى، وبيني وبينها النهر والتماسيح، ولكني سأخوض الماء وأتحدى التماسيح، فحبك يمنحني القوة والشجاعة.أنتظرك يا معبودتي في شوق عارم، وعندما أسمع خطواتك، يقفز قلبي بين الضلوع. عندما يضمني ذراعك وتحتضنيني، يصيبني الخدر، وأهيم في عالم آخر، في حديقة فواحة بالزهور، بعيدا، في البلاد أتمنى لو كنت مجرد خاتم لإصبعك الصغير، حتى يتسنى لي ملامسة أناملك في خلسة من الآخرين". وفي إحدى برديات "تشستر بيتي" يقول الشاعر العاشق: "حبيبتي بلا نظير أجمل النساء، مضيئة إذا أهلت كنجمة براقةٍ في ليل عيد، عيناها آسرتان، وشفتاها ياقوتٌ أحمر، والشعر جواهر سوداء تبرق في ضوء النيل، وحديثها منمق أثير" ويمكن الاستزادة لمن أراد الاطلاع على كتاب "أشعار الحب في مصر القديمة" – لفكري حسن

اللحظة اليونانية بهذه الطريقة نرى النصوص الأولى للحب وكيف أنها لم تتغير كثيرا عن مثيلاتها الآن، وإذا حاولنا أن ندفع قليلا عربة الزمن فمن المهم أن نتوقف قليلا في اللحظة اليونانية وهي لحظة فارقة ومهمة، وقبل ذلك يهمني أن أشير إلى أن الاعتقاد الواضح للفروقات بين الحب المتعالي عن فوران الجسد لدى القدماء لم يكن في مصر القديمة فقط، فمثلا نقرأ هذه المقولة المهمة لفيلسوف وحكيم صيني مهم هو "لاوتسه " 604 ق.م إذ يقول: "لن يكون الحب شرا إلا إذا وجهه الجسد وتجاهل إثراء الروح". وبما أننا نتحدث عن اللحظة اليونانية- التي ألصقت صفات مادية كثيرة بالحب أثّرتْ على كل من التفت لمعالجة موضوعات الحب فلسفيا أو أدبيا - يعزى لها ابتكار مصطلح "إيروس" الذي استخدمه فيما بعد "فرويد" في أعماله ، ولعلنا نستحضر عملا مهما لشاعر روماني هو "بوبليوس أفيديوس" وأعني كتابه "آرس أماتوريا" أو" فن الهوى" وهو كتاب في حقيقته موغل في مادية فكرة الافتتان بالآخر، ولا يمكن تجاهل تأثير مفاهيم الإغريق المادية عليه وبالعودة لليونانيين نجد أن بلوتارك (بلوتارخوس 45-120 م مؤرخ يوناني ) يرى أن الحب "عَتَه" ويضيف " أن البعض ظنه داءً.. وهكذا يجب الصفح عن العشاق لأنهم مرضى.." ولذلك سنقرأ تعريفا لاحقا لابن حزم بأن الحب داء، ولا يمكن أن نتجاهل تأثير مثل هذه المفاهيم على تعريف ابن حزم للحب.. وهنا نلحظ أن الحب في اللحظة اليونانية بدأ يأخذ شكلًا آخر، ومساءلة لدوره ولحالاته وسنجد في الأسطورة اليونانية حالات ذهبتْ بالحب إلى أقصى حدوده، وعندما أقول الأسطورة هذا ليس تقليلًا منها وإنما هي جزء من أدبيات تلك الحقبة وسنجد أيضا تلك الاتهامات التي تحاول النيل من جوهر الحب وأن تصفه بالعته، والداء، وتدعي الشفقة على من أصابه، على عكس اللحظة المصرية التي كانت تغني للحب والتي أصبحت شعارًا للرومانطيقيين في مختلف الفنون ومما جعل الناس تتطبع بهذه المفاهيم . أيضا عن اللحظة اليونانية

- يتحدث أفلاطون في محاورتين شهيرتين هما " المأدبة" و "الفيدورس" وهما بعد محاورته الشهيرة "الجمهورية "عن تلوث يصيب النفس، جراء تأثير الجسم عليها، لكن هذا التأثير هو تأثير مغاير أشبه ما يكون بالجنون، وهو لا ينشأ إلا عن تعلق بالماوراء ، ولا يتخلق في داخل هذه النفس، بل إنه يأتي من الخارج ويصفه مثلا "دينيس دي ريجمون" بالهيام والتعلق الرباني، واستخدم "دي ريجيمون "مصطلح "الجنون الرباني" ولمن لا يعرف "دينيس دي ريجيمون " هو باحث مهم في تاريخية الحب . وفي هذا الموضع لا يمكن لنا تجاهل تلك العينية الشهيرة لابن سيناء التي يظهر فيها التأثر الواضح بالنزعة الأفلاطونية إذ يقول قاصدًا النفس : هَبَطَتْ إِلَيْكَ مِنَ المَحَلِّ الأَرْفَعِ * وَرْقَاءُ ذَاتُ تَعَزُّزٍ وَتَمَنُّـــعِ

مَحْجُوبَةٌ عَنْ كُلِّ مُقْلَةِ عَارِفٍ * وَهْيَ الَّتِي سَفَرَتْ وَلَمْ تَتَبَرْقَـعِ

وَصَلَتْ عَلَى كُرْهٍ إِلَيْكَ وَرُبَّمَا * كَرِهَتْ فِرَاقَكَ وَهْيَ ذَاتُ تَفَجُّعِ

أَنِفَتْ وَمَا أَلِفَتْ فَلَمَّا وَاصَلَتْ * أَنِسَتْ مُجَاوَرَةَ الخَرَابِ البَلْقَـعِ الموقف الديني من الحب

هناك من حاول أن يقارب استحالة تعريف الحب بتعبيرات شتى تسمح بها اللغة، وما لا تطيقه اللغة كثير، وهذا يخالفنا فيه من يرى الوجود من نظارة اللغة، باعتبارها قالبًا للوجود برمته، و لئلا نذهب بعيدًا خارج الموضوع نقرأ مثلا ما تقوله شخصية أندلسية كبيرة مثل ابن حزم عن الحب فيقول: "الحب مرض عضال، دواؤه منهُ، هو حالة لذيذة وداء نشتهيه، فمن نجا منه ودّ لو يُصيبه، ومن ابتلي به وشفي منه لا يجد لذة في شفائه " فهنا نجد أن ابن حزم يحاول التعبير عن الحب باجتماع النقائض فالدواء هو ذاته المرض مما جعله يصفه بحالة من التلذذ بهذا المرض، إذ هو الداء الذي نشتهيه، وكلما نجونا من شركه وددنا لو أن هذا الشرك جرنا له من جديد وما من شيء في الحياة تجتمع النقائض في وصفه إلا كان الإمساك به محالًا تماما كالسراب .وهنا أود أن أشير إلى فكرة جوهرية، تعطي معنى لفشل ذهاب الحب بعيدًا برفقة الدين ألا وهي: أن الحب والدين لا يلتقيان، فالدين مبني على الرهبة والخوف ، على الحجْب وعدم المساس بالمحتجب بل تقديسه، بينما الحب في أقاصيه البعيدة يستمد طاقته من فكرة الكشف، ونزع الستار عن المحتجب في العلاقة، وهنا يمكن أن نفهم مفهوم الجسد وتناصه الدائم مع العشق ، ولعل فكرة "الحب الإلهي" عند المتصوفة تعد الإشكال الأكبر بينهم وبين التيارات الرسمية للدين ولعلنا كذلك نستعيد قول شخصية أخرى مهمة وهو الإمام القشيري المتوفى (465 ه) ه إذ يقول -وهو من المتصوفة الكبار- :" لا توصف المحبّة بوصف، ولا تحدّد بحدٍّ أوضح ولا أقرب إلى الفهم من المحبّة، والاستقصاء في المقال عند حصول الأشكال، فإذا زاد الاستعجام والاستبهام سقطت الحاجة إلى الاستغراق في شرح الكلام " إننا إذا ما اطلعنا على النظرة الإسلامية لمفهوم الحب واقترانه بالجسد، سنجد موقفًا سلبيًا خصوصا إذا ما كان هذا الحب خارج إطار مؤسسة الزواج، كغالب الديانات الأخرى، فإلى جانب النصوص المقدسة التي تشير إلى ذلك، يهمنا أن نشير إلى كتاب طريف في الحقيقة للعلامة أبو الفرج عبدالرحمن بن أبي الحسن الجوزي والشهير بـ"ابن الجوزي" ألا وهو كتاب "ذم الهوى" وهو مصنف اشتهر شهرة واسعة في عصره، وهو في الحقيقة يكاد يخرج عن النمط الوعظي، ويقدم مقترحات تكاد تكون فلسفية للشباب، لذم الافتتان بالجسد على النقيض تماما لما فعله صاحب كتاب "فن الهوى" كما ذكرنا سابقًا، ويتخيل البعض أن ابن الجوزي قد هجم على الحب وهذا ليس صحيحا، بل هو يسوق لنا عيوب العشق والهوى، الذي ينطوي على نوازع جسدية متأججة، فهو يحذر من الوقوع في مغباتها، ويسرد عددا من القصص التي تؤكد أن قصة الحب هي قصة تراجيديا في الأساس وهذا ما سنراه في قادم هذه الورقة. شكل الحب في الجهة الأخرى القرن الـ12 وحتى القرن الـ20 "أيها الأسياد أيروق لكم أن تسمعوا قصة جميلة عن الحب والموت ؟ " نقرأ هذه الافتتاحية في بداية قصة" تريستان و إيزولده" والتي نراها متمثلة في أوبرا شهيرة قام بتأليفها "فاغنر" عام 1859م ويمكن لنا أن نتساءل عن ذلك الربط بين الحب والموت الذي يحضر أيضا بشكل كبير في تعابير الحب لدينا اليوم "أحبك موت" وغيرها من التعابير المشابهة والتي يكتظ فيها التعبير الشعري العربي أيضا كذلك مما يحيل إلى أن القصة الأساس للحب هي قصة تراجيدية، ولا تكاد قصة الحب السعيد أن تكون موجودة، وإن وجدت فهي لا تملك أي تأثير مقارنة بـروميو وجوليت، مثلا أو بـ ديك الجن الحمصي (عبدالسلام بن رغبان الكلبي) أو بعذابات قيس بن الملوح، أو بما قاسته إيزيس في حبها لأوزريس، ويؤكد على كلامنا هذا، تقسيم "رولان بارت" للمغامرة العشقية إلى ثلاث مراحل: الافتتان والتوله المفاجئ، فمرحلة الزمن السعيد، ثم زمن التعاسة وبطبيعة الحال كذلك لا يمكن أن نغض الطرف عن قصة مهمة جدا في "التراث الغربي " وأقول التراث الغربي مجازًا للإشارة للمكان الذي ظهرت فيه هذه القصة، وهي رواية "آلام فارتر" للأديب الألماني "غوته" والتي نشرت للمرة الاولى في عام 1774م وقد أثرت هذه الرواية بالذات على "حركة العاصفة والإبداع" وكان لها أيضا تأثير كبير على حركة الرومانطيقية في الأدب ككل . ولعل أكثر التراجيديات المعاصرة شهرة قصة ملك بريطانيا "إدوارد الثامن" وحبيبته "واليس سمبسون" إذا كلفه حبها أن يتخلى عن العرش حينها وقد تم تخييره بينها وبين عرشه، فلم يشعر بالكثير من الحيرة ولم يتردد، فأعلن تخلّيه عن منصبه في خطبة ألقاها في 11من ديسمبر عام 1936، مقرّرًا البقاء مع حبيبته، ومؤكّدًا لجميع المواطنين البريطانيين أن حُبّه لتلك المرأة هو السبب الوحيد في قراره، حتى سُمّي بـ"الملك العاشق". بدأت قصة الحب التي جمعت بين إدوارد الثامن، و واليس سمبسون في عام 1926، عندما تعرف الأمير إلى واليس فور وصولها مع زوجها الذي كان يعمل سمسارًا للسفن، وسرعان ما شعر تجاهها بمشاعر حبّ حقيقي، بالرغم من كونها في نصف جمال وجاذبية أي امرأة من اللواتي عرفهن الأمير، ولم يكن يحبّ أيًّا منهن، انفصلت سمبسون عن زوجها لاحقًا، فوجّه إليها إدوارد دعوة ليستضيفها للإقامة معه في بيته في الريف الإنجليزي. في 20 كانون الثاني 1936 أصبح الأمير إدوارد ملك بريطانيا بعد وفاة والده، وبعدها مباشرة حصلت هي على الطلاق من زوجها، وبدأت ترتيبات الزواج من الملك، ولكن كان من المستحيل أن يتزوج الملك من مطلّقة باعتباره راعي الكنيسة الإنكليزية، ليطالب رئيس الوزراء، الملك، بالاختيار بين العرش والزواج من تلك المرأة، لتكون إجابته: "إن العرش لا يعني شيئًا بالنسبة لي دون وجود واليس إلى جانبي".وعلى إثر قراره وقّع في 10 ديسمبر 1936 وثيقة التخلي عن العرش، ويعلن زواجهما في الثالث من تموز 1937. وتكمن تراجيدية القصة أن هناك خطابات أظهرتها السلطات البريطانية قبل سنوات قليلة تؤكد خيانة واليس سمبسون للأمير إدوارد مع زوجها السابق

مستقبل الحب

- يقدم لنا عالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان في كتابه المهم "الحب السائل" ما يشبه الهجاء لفكرة الحب في الوقت الآني إذ يرى في تحليله أن : " الحب بطبيعته يسعى إلى إدامة الرغبة، وأما الرغبة فبطبيعتها تهرب من قيود الحب". و هنا يهمنا أن نطرح السؤال التالي: إذا كان في الوصول إلى الجسد منتهى صورةٍ من صور الحب، ألا نلمح بأن تأخير اللذة في هذه الصورة هي حيلة من حيل الشهوة ؟ و في هذا لاشك تكرار ديالكتيكي عفوي لفعل الغريزة يرى باومان أيضا أنه لا معنى لوعود الحب على المدى الطويل في هذا الوقت، الذي أصبح فيه امتداد الزمن، آخره ..الآن وهنا. ويطلق عليه "زمن القطع غيار " فشريكك قد يستبدلك بفرصة أفضل، وقد تستبدله أنت بفرصة أفضل وهنا لا معنى لتلك الوعود الكلاسيكية التي تربط الحب بالوفاء، والارتباط الأبدي، فلا أبد في الحب الحاصل الآن كما يرى باومان . ويلتقي مع باومان فيلسوف جدلي مهم آخر

:وهو " آلان باديو" والذي يتحدث في فقرات عديدة من كتابه

The Meaning of Sarkozy وفي كتابه الآخر "في مدح الحب " بأن هناك نوعاً من اللا أمان في علاقات الحب المعاصرة تقترحها النظم الاجتماعية وتداعياتها وهي إلى حد ما تشبه اللا أمان الذي تقوم عليه الرأسمالية تجاه الموظف، فالرأسمالية تتنصل من مسؤولياتها تجاه الموظف، وكذلك الحب الآن يتنصل من تبعاته القديمة، ولكن نوعًا ما يبدو هذا، وكأنه فعل متوازٍ أي أنه يحدث من الطرفين بالتساوي، ولكن ظاهرة اللا أمان هذه، أو الحب المهدد تعتبر معضلة الحب الحقيقية الآن

تقدم التكنولوجيا الآن شكلا مهما من أشكال العلاقات في مختلف أبعادها ولن يكون من الصواب إغفالها فهي تساهم بشكل ما على تأكيد ما ذهب له باومان وباديو، فهي تقترح نوعا من العلاقة التي تحاول التخفيف من المخاطرة باقتراح مزايا جسدية معينة، رغبات مشتركة بين الطرفين ، زوايا رؤية معينة يريدها كل طرف من الآخر وبالتالي هذا يحيل الحب من فعل إنساني يتأثر بما تتأثر به حالات المرء وظروفه، إلى ما يشبه المنتجات التي تصطف على أرفف السوبر ماركت، وفي الحقيقة أن إطلالة بسيطة على نوعية هذه المواقع والتطبيقات التي تقدم خدمات الحب واللقاء بالشريك المناسب يمكن أن تكشف لنا إلى أي مدى يبدو الأمر جادًا. إن الخطورة في مثل هذه الطريقة في بناء علاقة الحب تكمن في أن فكرتي التعلق والتخلي هما رهن زر واحد، يمكن لأحدهما أن يضع النقطة ويغلق حكاية حب حدث فيها كل ما يمكن أن يحدث بين اثنين يحبان بعضهما البعض، وهذا يمحو بلحظة واحدة الأنساق الوجدانية المشتركة التي اعتمدت عليها المدونات الكبرى في تاريخ الحب البشري، فلم تعد "أمر على ديار ليلى" مقنعة في حب يأخذ هذا الشكل السريع في تبلور المشاعر وبلوغها جذوتها و انطفائها تماما كالوجبات السريعة. الهوامش

أشعار الحب في مصر القديمة- فكري حسن

الحب والغرب ، دينيس دي ريجمون –صــ14 –ترجمة : د. عمرو شخاشيرو

شذرات من خطاب العشق-رولان بارات

العاصفة والاندفاع هي: حركة أدبية تمتد من عام 1767 إلى عام 1785؛أخذت هذه التسمية من اسم مسرحية فريدريش ماكسيميليان فون كلنجر. ويتميز عصر العاصفة والاندفاع بتمجيد العاطفة البشرية الجارفة والقلب المتأجج بالشعور، وبعدم الاهتمام بالعقل الذي كان سائدا في عصر التنوير


تعليقات


Featured Review
سوف تأتي المنشورات قريبًا
بمجرد نشر المنشورات، ستراها هنا.
Tag Cloud
  • Facebook Social Icon
  • Black Twitter Icon
  • Grey Google+ Icon
bottom of page